الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

مؤلمة هي الحياة ( بقلم : ميديا المندلاوي )

مؤلمة هي الحياة بتفاصيلها المرهقة ... بين ليلة وضحاها تجد نفسك كبرت ... انت من كان  يؤمن بجمهورية افلاطون ويعتقد ان وزن الانسان يكمن في فكره ... اليوم تضطر للتعامل مع نفسك الجديدة .. نفس اصبحت عملية اكثر ....
امس كنا كتل متحركة من المشاعر ... نفيض رومانسية ودفأ كيف تمكنت الحياة من صقلنا باحجار خشنة حتى نزعت جلودنا والبستنا ما تريد ... امس كنا نؤمن بالحب بالصداقة .. بالمساعدة ... اليوم اصبح الحب شيئا غير معترف فيه في زحمة البحث عن المال !! والصداقة تلاشت بعد ان اصبحنا زوجات وامهات ...والمساعدة ... اصبحنا امامها نرفع شعار : يلا نفسي ...
اينما التفت وادور ابحث عن ناس حقيقية ... ظاهرها كباطنها ... لكني لم اعد اجد ... ربما حتى عيوني اصبحت هي الاخرى لا تعرف ان تحكم ... حتى هنا في داخلي في عمقي الدفين ... ابحث عني ... لا اجدني عندما انظر لنفسي في مرآة ... وانا متأكدة ان اغلب الناس اصبحوا مثلي تماما ...
عجيب هذا الوقت ...وهذا الزمن ... كلنا مع بعض وبعيدون عن بعض ... وكان كل شخص منا تقوقع داخل هذا الجهاز الذي في يدي .. الهاتف ... لما نحب ان نرى ما ينزله الاخرون ولايهمنا ان نتكلم معهم وجها لوجه ....  لما اصبحنا نتابع بعض في هذا العالم الافتراضي ونتجاهل بعض في الواقع ... لما نظن ان جميع الافتراضيين يقدروننا ويثمنوننا اكثر من الحقيقيين ...
اصبحت اخاف من الاماكن المغلقة .. من الابواب الموصدة ... فمن يموت في مكان مغلق قد يبقى حتى تتعفن جثته دون ان يسال عنه احد ...الا من رحم ربي ... من يتالم وفي داخله بركان لا يتكلم ولا يشكوا لانه لا يعرف لمن يلجأ ... كل شخص منا في داخله الم يقض مضجعه لكنه يتباهى امام الناس بانه بالف خير ... يتظاهر بالقوة ... لكن التظاهر قمة الضعف ... ان تصدر للناس عكسما انت عليه قمة الضعف ... ان تبدو للناس عكس نفسك قمة الضعف ... اذا كلنا ضعفاء جدا لأن جميعنا يتظاهر وجميعنا يصدر للناس عكسما هو عليه .... اصبحنا لا نهتم لصورتنا امام احبائنا ... لا نهتم بالنظرة التي ينظرون لنا بها ... بلعكس تماما نحاول جاهدين ان نبدو في قمة مثاليتنا امام الاغراب وفي قمة بشاعتنا امام من نحب ...لانا تأكدنا ان من يحبوننا سيصمدون معنا للاخير ... فببساطة نستغلهم ... نستثمرهم لمطامعنا ....
حتى صلات القرابة اصبحت تضعف بل اصبحت ركيكة حتى ... فاخت واخ كل منا اصبح ماهو في جيبنا ... ان كانت جيوبنا ممتلئة كل الدنيا اخواتنا واخواننا ... وان كانت جيوبنا فارغة فحتى اخواتنا واخواننا اصبحوا في غير دنيا ...

لم اعد استشعر بحقيقة مطلقة رغم اني اساسا من المؤمنين بمبدأ نسبية انشتاين منذ نعومة وعيي ... حتى اولادنا من اصلابنا .. لحومنا ودمائنا ... يمسكون بيدنا لانهم صغار يخافون لو تركو ايدينا ان يضيعوا ... ما ان يعرفوا كيف يمشوا ... وكيف هو الطريق ... سيتركون ايدينا راكضين نحو طرقهم الخاصة ... وقتها حتى الاب والام سيصبحون أعبائا ثقيلة ......

#بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق