الأحد، 1 يوليو 2018

الحواسم

#روايــــة٠الحـــواســـم
#الــفــصـل٠الثاني

الهي كم كانت امنياتي بريئه وبسيطه وساذجه
كانت اكبر امنياتي ان احظر امسيه شعريه لجبران خليل جبران والذي كان اصلاً ميت كنت اخبر اخي بأحلامي هذه التي كانت اكثر شئ يضحكه في هذه الدنيا ،، ليرد علي قائلاً جبران ميت يامجنونه
- حقاً ميت ،،
حسناً اتمنى ان اصحى من نومي واجد نفسي شابه كبيره
انظر الى نفسي امام المرآة واقول لأخي بغرور عندما اكبر سأصبح جميله جداً
انظر كم انا جميله سيزداد هذا الجمال يضحك ملئ شدقيه ويقول   

(( بلي راح تصيرين كلش حلوه بس المشكله لازم نلگالچ توصاله لأن انتي قزومه) )

كانت تغضبني كثيراً كلماته هذه فأغضب واتشبك بأكتافه كالقطه لأضربه واشفي غليلي منه كان اخي طويل القامه
وضخم البنيه ورث من ابي جسده الضخم وعيونه العسليه وسمار
بشرته اما انا لم يرثني ابي سوا عيناي العسليه ورثت من امي البشره البيضاء وشعري البني  وقامتي القصيره ..
كان يعرف كيف يراضيني يحملني فوق رقبته ويدور بي فالحديقه
واصر عليه ان يمر بي من قرب نبتة ((الرازقي)) تلك لأثبت لنفسي انني اطول منها

كانت الدنيا تشع بالسعاده من كل جوانبها اكاد اجزم اني
كنت اعيش بالجنه
رغم ان اخي كان يكبرني بسنين واعوام طويله وكان ذو شخصيه قويه جداً ،، كان مقاتل في الجيش العراقي ،،كان عابس الوجه على الدوام قليل الأبتسامه شامخ وعزيز النفس لأبعد الحدود
ولكن معي كان مختلف تماماً معي كان كـ طفل يشاغبني ويشاركني العابي يسمع مني احلامي وامنياتي ،، وفتاة مثلي كانت كثيرة الأحلام والأمنيات ،، كُنت انتظر نزوله للأجازه بلهفه وشوق كـ شوق الأطفال للعيد كنت عندما ينزل اخي ،، اتمارض كثيراً حتى لااذهب الى المدرسه
ولم يكن مرضي سوا حجه للبقاء معه
حتى فهمو اهلي بأن كل فترة اجازة اخي سأصاب بألم في معدتي وصداع يكاد يفتك برأسي ويدي متشنجه وقدمي تؤلمني ...الخ

قرعت طبول الحرب،، نعم الحرب او التحرير كما اسمتة امريكا وابريطانيا اللعينه تجريد العراق من اسلحة دمار شامل ،، ووضع حد للدعم الذي يقدمه صدام حسين الى الارهاب وتحرير الشعب من الدكتاتوريه ،، والحقيقة ان صدام كان يندد بتحرير فلسطين ولم يستطيع السكوت عن الحق كما إلجم حكام العرب الباقين حينها ،، وهذه كانت اضافة للأسباب الكثيرة التي أحُتل من أجلها العراق
والذي ساهم بها الكثير من العرب وللأسف الشديد معهم فئه خائنه نأنف ان نذكر ان اسمهم عراقيين،،

كنا كلما بدأ القصف نذهب الى ذالك الملجأ
عباره عن سرداب صغير تحت الأرض مغطى من الأمام بأكياس مليئه بالتراب بالبدايه كانت جدتي ترفض وتقول كيف اختبئ واولادي يحاربون هناك وكنت ابتزها كما طلب مني ابي بأني سأقص ظفائري
ان لم تدخل الملجأ معنا ...
كان العدو الحقير يبدأ القصف الساعه الواحده ليلاً ويستمر حتى الصباح لم اكن اسمع وقتها سوى اصوات صريخ الأطفال ودوي الصواريخ والقنابل العنقودية كانت السماء تتحول للون الأحمر
تبدأ معدتي تعتصرني بشده من الرعب والخوف كنت لاأتنفس سوا
رائحة الدم ولاأسمع سوا دوي الصواريخ وعويل الأطفال والنساء
ولاأرى سوا الموت ..نعم هذا الموت الذي كنت اراه يتربص بي من
بعيد ،، كان الليل في تلك الأيام بالنسبة لي ،، كابوس
كُنت عندما تخلد الشمس في أحضان الأفق تخلد معها روحي من الخوف والرُعب ،، كانت تُعد امي طعام العشاء واعجز على ان التهم
منه شئ من كثرة تفكيري بالقصف الذي سيبدأ بعد ساعات قليله
ونومي بالملجأ حتى الصباح وانا احتضن لعبتي الصغيرةُ،، باربي
كانت عندما تبدأ الغارة الجويه يتعالى صوت الصريخ مع صوت الأنفجارات كان ذالك الصوت مرعب لأبعد الحدود
وكُنت اشعر بأن روحي تغادر جسدي ولكن دون ان انطق بكلمه او حتى اصرخ كـ بقية الأطفال كُنت احاول ان اثبت لنفسي حينها اني شامخه وابنت بطل واخت فارس لاتخاف ولاتهاب الموت ابداً ،، ولكن عندما يبدأ القصف سرعان ما تخونني قواي وتنهار دموعي ببكاءاً صامت واضع لعبتي الصغيرة ،،باربي على وجهي حتى لاترا امي وجدتي دموعي واصبح بنظرهم ضعيفه وخائفه كُنت اجاهد ان امثل دور الكبيره الناضجه،، وليتني لم اكبر

كان كلما يدوي صوت انفجار تبدأ الأتربه بذالك الملجأ بالتساقط
على رؤسنا كنا نخرج من هذهِ الملاجئ وكأننا قد خرجنا من قبور
مغطين بالتراب والأغبره مرت ايام وايام على تلك الحرب ولم يصل
إي خبر عن أبي كان يعود الرجال الى عوائلهم ويقولون ان بغداد سقطت بأيدي العدو الحقير وفي نفس الوقت كان وزير الأعلام العراقي
((محمد سعيد الصحاف))
يذيع بالتلفاز ان ..العلوج..كما كان يسميهم انهم لم ولن يستطيعوا السيطره على اي شبر من العراق حتى الأن ..وكنا نجهل من نصدق
او ربما كان الأمر واضحاً جلياً امامنا ولكننا نحاول ان نكذب الكذبه
ونعاود تصديقها ،، او ربما كان مازال فينا بقايا امل

بعد إيام قليله عاد اخي..عاد اخي مهزوماً ،، عاد بطلي المغوار مهزوماً يائس ،، عاد فارسي الشامخ منكساً رأسه
(( العراق راح انتهى) )كانت هذهِ اول كلمه تنطق بها شفتاه حين وصوله
بعدها عانق جدتي وبكى كانت اول مره ارى بها اخي بهذه الحاله  ويبكي اخي كان رجل بكل ماتحمل الكلمه من معنى لم اراه يبكي في حياته ابداً ولكن هذه المره بكى وكان لابد لهُ ان يبكي
بكى اخي وكأنه بكى عمراً كاملاً بكى اخي العراق المهزوم وبكى القائد المغلوب بكى وكأنه كان يرى مالذي سيئول اليه هذا العراق بالمستقبل
بكى ،، عز وشموخ فقدناه بسقوطك ياعراق

مرت ايام ونحن ننتظر اي خبر من أبي او رساله ولكن لاشئ اي خبر لم
يصل ولم نعرف اي شئ عنه انتظرناه ايام طويله ،، ومااصعبك ايها الأنتظار
وفي احد الليالي جاءصبري..صديق لأبي من محافظة السماوه
كانت علاقة ابي بصبري هذا علاقه حميمه لأبعد الحدود
جاء صبري بعد ان رحبنا به وجلس بالمكان الخاص لأستقبال الضيوف
نظر الى جدتي بعيون دامعه وقال(( يمه البقيه بحياتچ بأخويه
البقيه بحياتچ بالبطل البقيه بحياتچ بالي موبس اني وانتي خسرتي العراق كله خسره شهيد شهيد شهيد شهيد)) كان يردد كلمة
شهيد ويبكي بهيستريا لاتليق الا بصديق خاطر بحياته وجاء من السماوه بهذه الأوضاع المأساويه ليزف لنا خبر شهادة ابي

تعالا الصريخ والعويل امي وعماتي واخي ..الا جدتي كانت صابره
صامده بكل معنى الكلمه ولم تكن تردد سوا الحمد الله وانا الله وانا
اليه راجعون
كان موت ابي صفعه لم اكن اتوقعها قط في حياتي ،، اخر ما كنت اتوقعه،، ابي يموت كنت اضن ان لاشيئ قادر على ان يقهر ابي ابداً

كم انت قوي ايها الموت حين استطعت ان تجتز روح ابي بهذه البساطه ..كيف يموت ابي كيف يموت فارس احلامي الأول بهذه البساطه كيف
كيف يغلب الفارس المغوار..كيف يقتل البطل الصنديد

تقول العجفاء بنت علقمة السعدي(( وكُل فتاة بأبيها مُعجبه))
وانا لم اكن معجبه فقط بل كُنت متيمه ومغرمه بفارسي الذي لم تهطل السماء بمثله بعد،، خسرك العراق ياابي ،،،خسرك العراق ،،عراق يروي ارضه الضمئا بدم رجاله الأبطال خسرك ،،،عراق يُطعم شعبه رغيف الخبز المثخن بالموت ،،عراق لايأبه لمن ضحوا من اجله ،،ولم يأبه يوماً ،،عراق قتل كُل ماهو حي ،،وشوه كُل ماهو نقي في ارواحنا
اما آن لكَ ان تُلاحظنا ياعراق ،،هل نغفر لكَ يوماً كُل هذه الشروخ التي
تركتها في قلوبنا ،،، هل نغفر ياعراق؟؟
وطن كأنت لايستحق ان يُسمى وطن ،،، ايجدر بأبنة مقاتل ان تقول هذا؟؟
......نعم يجدر بي ان اقول ،،، ويجدر بالعراق ان يسمعني ،،، لست انا فقط بل كل طفل فقد اباه وكل امرأه فقدت زوجها وكل ام فقدت ابنها
قصم ضهري العراق بكَ ياابي ،،، قصم ضهري وكسر نفسي وقتل برائتي
دفن احلامي تحت ركام حروبه،، ومع كل هذا احبك ياعراق واجهل لمذا
ليس هناك مايدعوا للحب بيني وبينك ،، ولكن احبك ولااملك سوا ان احبك،،
واذا عجزت عن حملي يوماً ياعراق ،،،سأحملك في قلبي وأمــضــي 

اخبرنا صبري ان السريه ضربت بغاره جويه ولاقوا حدفهم،، ابي وخمسه من الضباط والجنود لم يجدوا جثة ابي مزقها الموت ارباً صغيره
ربما ارادت الأقدار ان تريني ان كل قوي له نهايه ولم اكن اتوقع
ان نهاية ابي ستكون هكذا ابداً انا اليوم لا املك حتى قبراً اندبه بقربه
او ازوره واحمل له اكاليل الورد كما يفعلن بنات الشهداء
اه لوتدري ياابي كم اصبحت امقت الحروب كم اصبحت اخاف الفقد
اليوم انا اقف عاجزه عن رد شبح الموت هذا وانا اراه من بعيد
وكأنه يتوعدني بأني ساسلبك كل سعاده وكل فرح حتى البراءه ساجتزها منكِ

اليوم انا ،،ارا اب اخبروني انه استشهد ،، اليوم ارا اخ ثائر ليس لهُ قدره على ابتلاع الهزيمه والرضوخ ،، اليوم ارا قائد مغلوب نجهل اين اختفى
اليوم ارا وطن يصارع الموت

خيم الحزن على ذالك البيت لم تعد تلك الأفراح تبزغ سكنت العتمة اطلاله وفاحت رائحة الفقد في ارجائه

اخي اصبح كـ تمثال من الثلج بت اخشى ذوبانه وخسارته وانا التي
اصبحت كما قال درويش ..لم يعد بي موطئ للخساره
كان اخي ثائر ولم يرضى بالذل والهوان كالكثيرين من شباب بلادي الغيارى كان وقتها الشعب ملتهي بالسلب والنهب ومايسمى(( فرهود))
واخي كانت قضيته واحده لا غير نحارب العلوج ننتصر او نموووووت

يتبـــــــع ....... زهرة الكاميليا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق