( أخيرا وجدتها )
أتدركين عزيزتي كم هي لطيفة الاقدار بنا! فقد ساقتنا إلى بعضنا البعض سوقا رائعا لم يكن في الحسبان.
أتذكرين عزيزتي كيف كان حديثنا الاول؟ سريعا... مقتضبا... تتخلله عبارات الترحيب بقبول الصداقة.
حاولت في بادئ الأمر أن افتح أبواب الحوار ،فكنت مرة ياعزيزتي
كالبحر الجاري تتدافع أمواجه بلا هوادة ،وتارة كالبركة الضحلة لا تثير
الرياح في مياهها.
ومرت أيام و أسابيع وإن اروي زهرة صداقتنا توددا،لكنك لست كما كنت أتخيل ،سهلة، مطاوعة. لينة، فكانت عباراتك لي تحمل العديد من علامات الاستفهام ،وحديثي معك كان يضعك في حيرة،فكم من علامات تعجب قد رسمتها حروفك على الشاشة وكأنك لا تصدقين ان هناك أرواح ممكن إن تتآلف دون لقاء.
ولكني وجدت فيك مرآتي التي من الممكن أن احادثها واكشف لها وجهي القبيح بلا حرج ،وجدت فيك الملاذ حين تحاصرني الاوجاع،وتعتريني المخاوف،اتخذتك وطنا ألتجأ إليه حينما يهجرني البشر،أو تنفيني القلوب المريضة إلى أطراف الحياة المملة ،وجدت في حروفك وعباراتك حبا خفيا لي،ربما لم تسعفك وقتها الشجاعة إن تكشفيها لي.
اعتدنا الحديث اليومي،وبدأ كلانا يغوص في أعماق الاخر،لنكشف عن اوجاعنا،ونزيح صخورا كانت تثقل انفاسنا،وصار هذا الحديث بمثابة العلاج لكل الاوبئة التى أصابت أرواحنا عبر سنين أعمارنا.
أتدركين يا صديقتي كم كانت سعادتي جامحة حينما عبرت عن شعورك تجاهي؟!
وكأني حصلت للتو على جائزة نوبل في العلوم الإنسانية ،أو كاني فزت بالميدالية الذهبية في ماراثون الحياة....
لقد أصابني اليأس فترة في أن تدركي مكانتك في قلبي ،أو تتيقني
من احتلالك الكامل لوطن قد خذله قبلك اخرين،فظل فارغا يبحث عن امتلاء حقيقي...
لم أكن اعتقد يوما أن الصداقة يمكن أن تغرس في ارض فيسبوكية،يرويها الماسنجر،ويغذيها الواتس آب...
لم اعتقد يوما بأني سأجد نظيري في هذه الحياة،سنوات طوال بذلتها في البحث عن شبيهي،أدقق في كل الوجوه،وافتش في كل القلوب ،حتى طالت رحلتي ،وبدأ الاحباط يكحل عيناي ويضرب بأوتاده ساحات قلبي...
أمعقول إن أحيا عمري بأكمله دون أن تهنأ روحي بصحبة الونيس!
أمعقول إن تستمر دقات قلبي دون أن تألف بوجود الشريك!
حتى هبطت حروفك الأربعة امام عيني يوما ،في ليلة شتوية ماطرة
مازلت أتذكر تفاصليها، اسما تتجول حروفه بين مروج متشعبة،اسما مرجت أنغامه بثنايا قلبي ،فوثب يتراقص،حينما اكتشفته صدفة يرتاد الاروقة الأدبية بأشعار وخواطر...
هاهي شبيهتي التى تمنيتها منذ زمن بعيد،تقارب في الميول و الشغف والحياة،تقاربا يكاد يكون مذهلا،تقاربا نكتشفه كل يوم ونضيفه إلى قائمة تكافؤنا،طريقا اكتشفنا إنه سيقودنا يوما معا لقارعة السعادة...
واخيرا وجدتها...من سأحيا أنا وهي في دروب طويلة لأغزل معها خيوطا ملونة تبهج حياتنا...
واخيرا وجدتها من ستشاركني لغة الحوار فننشد سويا أعذب الألحان...واخيرا وجدتها من سأبحر معها شواطيء الابداع وننطلق سويا خارج حدود المعتاد...
فهيا ياحبيبتي نمتطى خيول أحلامنا ونفك أسر واقعنا بامنيات حالمة،هيا نخلع ثوب اليأس عن أيامنا ونركل أحزاننا،ونقيم عزاء لأوجاعنا...واستمتع معك بحياة وجدتها بعد طول انتظار...
#هبةحامد#
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق