السبت، 7 يوليو 2018

تقاليد بالية

( تقاليد بالية)

فتح خزانته،و وقف متحيرا ماذا يرتدي اليوم للذهاب إلى عمله ؟
ولمح في ركن خزانته زجاجة عطر شبه فارغة،وما ان لمسها واشتم
بقايا عطرها حتى دبت فيه قشعريرة أعادته للحياة ،واسترجع شريطا
من الذكريات مرت عليها سنوات.
فقد تلاقت يوما أعينهما في الزحام ،وصارت هي هدية السماء له في
تلك الايام،لا يدري كيف تعلق قلبه بطرف حبها ؟ ولا  كيف هامت روحه
في فلك مشاعرها؟  ولكنه تيقن إنها حبه الاكيد الذي نضجت معه كل
أحاسيسه. فقد حاول مرارا وتكرارا تكذيب نبضات قلبه، بالبعاد تارة
والعزلة عن اشكال الحياة تارة اخرى،ولكنه في كل مرة كان يرجع إليها
بكل أشواق اللهفة وحنين الاحتياج.
"سأعلن الحرب لاقتحام حصونك ،وسانشر جيوشي في أرجاء ربوعك ،
ووحدي أنا من سيضرب بخيامه على ارضك،ويثبت علم النصر في
أعالي هامتك". هكذا صارحها ذات يوم...
فلن ابالي بتقاليد بالية وعادات عقيمة،لن أخسر حبي بسبب بضعة
معتقدات عفا عليها الزمن،وفاح عفن رائحتها وسدت أنوف العاقلين.
فكم من قلوب تمزقت،و أرواح تبعثرت،ومشاعر ودأت! جراء
خزعبلات تناقلتها الاجيال وحكمت علينا بالموت البطئ.
ولكنها أبت ان تصغى لنداءات الحب ،ورفضت ان تضعنا تحت رحمة
فكي الرحى،وان نكون سويا مثار سخرية أصحاب العقول المتحجرة،
فانا الشاب الثلاثيني ذو الايام الربيعية،وهي سيدة أربعينية تساقطت
أوراق شبابها في حياة سابقة فاشلة.
حاولت أن أبث فيها الشجاعة لنتحدى العالم بأكمله ونحقق نصرا لحبنا
ولا نلتفت لتخاريف الناس التى ستلاحق الكل شئنا أم أبينا...
وكانت تلك ليلتنا الأخيرة التى اهدتني فيها زجاجة العطر،ولمعة عينيها
تعزيني على حب تعثرت به قلوبنا صدفة،وكان حضن كفيها هي الحرارة
الباقية في قلبي حتى الان ،فقد كانت آخر وسيلة اتصال لنا في هذا العالم...
ورحلت حبيبتي... لملمت بقايا وجدانها من قيعان روحي،وأغلقت نوافذ قلبها
عني..وأسدلت ستائر الحزن على قصة عشق لم تكتمل...
وها أنا بفضل حبها خارج البلاد أقطف ثمار نجاح عملي ،ولكني أردم بنيان
حبي الوحيد بسبب ألسنة المجتمع الخرساء،فانا لا امتلك سوى بقايا
شذاك العالقة بكفي وكلمات هامسة في ليلة باردة،كلما اجتاحني الحنين
استنشق كفي واسترجع كلماتك لعل روحي تلتمس بعضا من الهدوء،
ولن تهدأ أبدا!...
#هبةحامد#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق