الاثنين، 28 يناير 2019

أصبح عندي الآن بندقية ( بقلم : علاء الغريب )

{ سلاح أم كلثوم ونوحناالمكلوم }

( أصبح عندي الآن بندقية )
رفقًا بنا أم كلثوم
بهذه الأغنية الهزلية
فالكل قد هلك
بعد أن سمع كلامك
وباع ما يملك
ليمتلك قطعة من أنواع
عطر دمائها العابق
بل أصبحت بين أيادي البشر
كالنهر المتدفق
وأكثر من زخات المطر
في فصل شتاء
                أسود
                     طابق

......2

أصبح لدينا بندقية
وبحر من الهموم
فكل شيئ يا أم كلثوم
في دواخلنا قد انقلب
فلم يعد القلب من أغانيك يُطرب
فلا داعي أن تغني للعاشقين
فلا يزهر الياسمين
من فوهات البنادق
ويزين عطرها مسالك جوارح القلب الضيقة
ولا تنبثق من أحلامنا المغلقة 
وتصبح داخل بيادر أفكارنا
تترنح وتتقلب
كـ سنابل القمح المُذَهَّبة
ولا أن تعشق الجمال
كلما القلب دقَّ
ولا أن تتبرج النساء بالمساحق
من أجل أن تسرق قلب الرجال
فلا وقت لأغاني الحب
بساحات الموت والقتال
في هذا الوطن الممزق
فكل شيئ
يخرس في زمن الحرب
وميادين النزال
ولا صوت يرتفع
وإن كان صوت صلاة وابتهال
أمام صوت المعركة
فلتخرس أغانيك العاشقة
وما تحمله من أنين
ولتذهب الى الجحيم
أمام زغردة طلاقتها الممزقة

....... 3

اصبح لدينا بندقية
ولكن يا سيدة الأغنية العربية
بندقية طوائف
           وعشائر
                  وقبائل
    هي آفة بنادق الباطل
تهدم صروح المحبة وتتفاخر
ترفع جدار الرفض أمام الآخر
تُحطم شُرفات التواصل
وتحفر تحت أعتابها الخنادق
بندقية ملعونة همجية
تلعب لعبة الموت
ونحن بلعبتها البيادق

.....4
أصبح لدينا بندقية
بل أصبح ما نملكه
أكثر من هذا بألف مرة
أصبح لدينا مدافع
ودبابات  ومجنزرات
بعدد نجوم المجرة
وناقلات جند ورشاشات
أصيبت فواهاتها بالرمد
لا تطلق زخاتها
على من اغتصب عروبتها
ولا ترى منهم أحدا
بل تتآمر على إبن جلدتها وتتوعد  
فكل ما نملك من سلاح مكدس شاهق
هو .. لقتل بعضدنا البعض
ولتشريدنا كي لا نتوحد
تحت بيرق من البيارق

..... 5

فلا تغني لي الليلة
( ألف ليلة وليلة )
فكل ليالينا أصبحت رعبًا
تملأه الصواعق
ولا تنشدي ( سيرة  الحب )
فسيرة الحرب
أصبحت للبعض هي الأطرب
ولا ( أنت عمري )
فالعمر كساه الثلج والقلب تجمد
وغارت منه منابع الأشواق
ولا تُغني لي
( القلب يعشق كل جميل)
فأين الجمال
في ظل سيمفونية بنادق الموت المتعددة
وعزف قيثارة الإحتراق

......6
لا تقولي لماذا
فلم يعد يعنيني  كل هذا
ولا تؤاخذيني إن كنت صادقا
بل غني لي يا أم كلثومي
أغنية الأطلال
لتبكي عيناى بحسرة
كنوح الناي
على أطلال مدائن أمتي المنكسرة
ولكِ المغفرة  
فلم يعد السلاح  لصون الأرض
ولا لإحقاق الحق
ولم يأخذنا الى فلسطين
ونحن نموت كل حين
ورُباها ما زالت حزينة
كوجه مجدلية
تنتظر كل فجر
قبابها الخضر
أن تُحلِّق طلقات النصر
فوق سمائها كالبواشق

علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق