* شـحوبُ الوقـتِ ...*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
يابسٌ هذا المدى
يحلِّقُ فيهِ الوجومُ
وتعلوهُ انكساراتي
مثلَ قمرٍ يَهِيمُ
بينَ الغيومِ
وتفتحُ لهُ الأرضُ ذراعَيها
ليسقُطَ في حضنِ بُكَائِهَا
علَّهُ يُمَشِّطُ نَضَارَتَهَا
ويرسِمُ على آهاتِهَا
أشجارَ النَّدى
ورائحَة النُّجومِ
ثَقِيلَةٌ خُطُواتُ الوقتِ
يُبحِرُ بلا مراكبٍ
يُوزِّعُ مَلابِسَهِ على اللافِتَاتِ
ويبقى عارياً أمامَ المدائنِ
فَتَهرُبُ مِنهُ النَّوافِذُ
وتَخجَلُ مِنْ عَورَتِهِ المَرَايا
وتُغمِضُ الوردةُ عَينَيهَا
في حِيْنِ
يَخلَعُ السَّرابُ عَبَـاءَتَهُ
وَيُغَطِّيهِ لِأجلِ الحِشمَةِ
وبدافعِ الثَّوابِ
كَمَا أنَّ الرَّملَ
يُخَيِّمُ فَوقَهُ لِيَحجُبَ الرُّويَا
رَتِيْبٌ قُدُومُ الضَّوءِ
يَتَعَثَّرُ بِأنفَاسِ الظِّلالِ
لا يَقْوى أنْ يُبْصِرَ دَربَـهُ
يَتَعَكَّزُ على شُحُوبِهِ
مُنْهَك الآمال
يَتَهَاوى في أوَّلِ سردَابٍ
يُصَادِفُـهُ
فَيَرقُدُ تحتَ الغُبَارِ
لا حَرَاكَ إلَّا لِلمَوتِ
يُقبِلُ نَحوَ المَدِيْنَةِ
فاغِرَاً شَهِيَّتَـهِ
يَنْقَضُّ على القَصِيْدَةِ
مِنْ كُلِّ الجَوانِبِ
لا أحدَ يوقِفُ زَحفَهُ
لا أحدَ يَعبأُ بِمَا يَفعَلُ
مَوتٌ يَتَسَلَّقُ الجِدرَانَ
مَوتٌ يُورِقُ مِنَ الرَّاياتِ السُّودِ
مَوتٌ يَنْسَابُ
يَتَرَقْرَقُ
يَتَدَفَّقُ
وَيَتَفَجَّرُ في السَّاحَاتِ
كَأَنَّهُ مَطَرٌ جَارِفٌ
يُحَطِّمُ أَبوابَ السَّلامِ
مَوتٌ يُحَمْحِمُ فَوقَ الأسطِحَةِ
يُرَدِّدُ فَوقَ أَعنَاقِنَا المَذبُوحَةِ
نَشِيْدُنَا الوَطَنِيُّ
وَأَشْلاؤُنَا تُصَفِّقُ لَهُ بِضَرَاوَةٍ *
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق